ياسر الفادني يكتب …. أربجي… مدينة العطاء التي لا تنحني
أربجي ليست مجرد إسم على الخارطة، بل صفحة ناصعة في كتاب التاريخ السوداني، هذه المدينة التي ذاقت مرارات الحرب حين استباحتها المليشيا، لم تنكسر ، رجالها صمدوا حين أراد لها العابثون أن تسقط، ونساؤها ضمدن الجراح، ومغتربوها شدّوا أزر أهلهم بأموالهم وجهدهم، فكانت أربجي كما عهدناها: كريمة في الشدائد، شامخة رغم الجراح
زيارة والي الجزيرة، الأستاذ الطاهر إبراهيم الخير، إلى أربجي لم تكن مجرد جولة تفقدية عابرة، بل وقفة إحترام أمام مدينة قدمت نموذجاً نادراً في الصمود والتكاتف، تبرعه بوحدة طاقة شمسية متكاملة لمستشفى أربجي التخصصي ليس منّة، بل إعتراف مستحق بقيمة هذه الأرض وأهلها، فالمستشفى الذي يستقبل أكثر من مئتي حالة يومياً ويخدم الطريق القومي مدني الخرطوم الغربي، كان بحاجة إلى دعم حقيقي يترجم الأقوال إلى أفعال، وقد فعل الوالي ذلك
اللافت أن الطاهر الخير لا يكتفي بالتصريحات، بل ينزل إلى الميدان، يتفقد المدارس والمستشفيات، يكمل النواقص، ويضع يده حيث تُبنى الثقة بين المواطن والدولة، في زمنٍ اعتاد فيه الناس على المسؤولين الذين يكتفون بالكاميرات والوعود، يأتي والي الجزيرة ليقول إن القيادة الحقيقية تبدأ بخطوة على الأرض، وبمبادرة تضيء غرفة عمليات في مستشفى، أو تفتح فصلاً دراسياً يكتمل بأجلاس وكتاب
أربجي تاريخٌ كتبه الأجداد بعرقهم، وحافظ عليه الأبناء بصلابتهم، واليوم، وهي تنهض من جراحها، تجد من يقف معها لا بالكلمات وحدها، بل بالدعم الفعلي الذي يعيد الأمل إلى أهلها ، إن ما جرى ليس حدثاً عادياً، بل رسالة واضحة: المدن التي تصمد لا تموت، والمسؤول الذي يلتزم الميدان هو من يترك أثراً
أربجي، التي أعطت السودان رجالاً وأمثولة في الثبات، تستحق أن تُكرَّم بهذا العطاء، وزيارة الوالي إليها تقول شيئاً بليغاً: هذه الأرض وإن طال عليها الليل، تشرق شمسها من جديد وأحياناً تشرق عبر ألواح طاقة شمسية أهداها والٍ يعرف معنى الوفاء.