مقالات الظهيرة

ياسر أبو ريدة يكتب…. الفاشر المدينة التي لا تُهزم

الفاشر ليست مدينة تُقاس بانتصار عسكري أو بخسارة موقع، فهي أكبر من الخرائط وأعمق من بيانات الميدان. في زمنٍ تساقطت فيه الأقنعة وقست المعارك تجاوزت الفاشر رمزية المباني لتغدو رمزًا للوجود نفسه، وجود الكرامة والحق والعزة في وجه آلة الدمار والمرتزقة.

لم تكن الفاشر يومًا مجرد جغرافيا، بل روحًا تُلهم السودان كله. ففي شوارعها وأزقتها نُحتت ملاحم الثبات، وعلى أسوارها تحطمت موجات الغزاة. هناك، حيث اشتعلت أمّ المعارك، كتب التاريخ فصولًا من البطولة والفداء لم تعرفها الحروب الحديثة إلا نادرًا. كل جدار في الفاشر يحمل أثر طلقة أو قاذف أو دانة مدفع، لكن خلف الركام لا تزال أنفاس تقاوم وقلوب تهتف: المعركة لم تنته بعد.

الفاشر اليوم تقاتل وحدها، نعم، لكنها تقاتل بشموخ مدينة واثقة أن الهزيمة الحقيقية ليست في فقدان المواقع، بل في انكسار الإرادة، وتلك إرادة لا تنكسر. هي مدينة السلاطين وأرض المحمل، شعبها من تربى على حب الوطن، عجنته العزة وسقته الكبرياء، فلم تستطع جيوش المرتزقة أن تطفئ جذوة الحياة في عيونهم. الفاشر لا تدافع عن نفسها فقط، بل عن معنى السودان كله، عن وحدة ترابه وكرامة إنسانه وذاكرته التي لا تُشترى ولا تُستبدل.

ومن واجبنا نحن السودانيين أن نقف خلفها بالكلمة والموقف والدعاء لأولئك الأبطال أفراد القوات المسلحة السودانية والمرابطين في خطوط النار، يثبتهم الله كما ثبّت أقدام المؤمنين في بدر، وينصرهم نصرًا مؤزرًا من عنده. الفاشر لم تُهزم، لأنها ببساطة ما زالت تنبض بالحياة، وما زالت امل السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى